دعاء اليوم الأول من شهر رمضان المبارك

دعاء اليوم الأول من شهر رمضان المبارك

دعاء اليوم الأول من شهر رمضان المبارك :

«اللهم أجعل صيامي فيه الصائمين ، وقيامي فيه قيام القائمين ، ونبهني فيه عن نومة الغافلين ، وهب لي جُرمي فيه ، يا إله العالمين وأعفُ عني يا عافياً عن المجرمين»

أضوواء على هذا الدعاء :

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ، والصوم أو الصيام له معنيان وهما :

١ ـ المعنى اللغوي : وهو الإمساك والكف عن الشيء ، قال أبن دريد : [كل شيء سكنت حركته فقد صام] ومنه قول الشاعر :

خيل صيام وخيل غير صائمة
عند اللقاء وخيل تعلك اللجما 
٢ ـ المعنى الشرعي ، أو الاصطلاحي ، ومعناه :

[الإمساك عن الأكل والشرب ، وغشيان النساء ، وجميعالمفطرات من الفجر إلى المغرب احتسابا لله ، وأعداد للنفس وتهيئة لها لتقوى الله بمراقبته في السر والعلن]

ورسول الله في دعائه ، يدعو الله تعالى أن يتقبل منه صومه خالصا لوجهه الكريم ، وأن يجعله الصوم المقبول عنده والذي يُثاب عليه صاحبه حقا ، وذلك إذا تحققت فيه القربة المطلقة لله والامتثال لأمره سبحانه.

وصيام الصائمين هو صيام الإبدال الأبرار أولياء الله الذين يصومون احتسابا وتقربا ، فيكون صومهم مضرب مثل لغيرهم.

ويدعو النبي أن يجعل الله قيامه فيه قيام القائمين ، والمقصود بالقيام هنا الصلاة التي يأتي بها العبد في شهر رمضان المبارك زيادة منه في الطاعة وإكثارا منه في التعبد والتهجد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «فأسالوا الله تعالى ربكم بنيات صادقة ، وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وقيامه ، فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم» .

وقيام الليل هو سبيل خاصة أولياء الله تعالى كما قال وليه الأعظم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في وصف المتقين :

«أم الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يُحزنون به أنفسهم ويستبشرون به دواء دائهم ، منهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم ورُكبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون الله تعالى في فكاك رقابهم» .
وينتقل صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه ليقول :

«ونبهني فيه من نومة الغافلين»

والمقصود هنا بالنومة الغفلة حيث شبه الغفلة بالنومة ، لأن الغافل شبيه النائم ، والنبي يدعو الله تعالى أن يهبه التنبيه حتى لا يغفل عن ذكر الله وطاعته وعبادته.

ثم يقول : «وهب لي جرمي فيه يا إله العالمين»

الجرم هو : الذنب والخطيئة ومنه الجريمة ، والنبي منزه عن ذلك ، لكنه يدعو بذلك تواضعا منه لله ، وتعليما منه للناس من بعده.

ولا يهب الله الجرم للعبد إلا بعد أن يتوب منه ويقلع عنه ، ثم هو الذي يتفضل بالقبول ويشمل الإنسان بالهداية ويسقط عنه الذنب.

ثم يختم دعائه لليوم الأول بقوله صلى الله عليه وآله وسلم :

«وأعف عني يا عافياً عن المجرمين»

والعفو هو : الصفح والرضا بعد الغضب ، والله تعالى هو الذي يعفو أو يغفر ويقبل من عباده بعد الندم والإقلاع عن المعاصي والذنوب.

والمجرمون هم الذين ارتكبوا الجرائم بحقهم أو بحق غيرهم ، فما كان بحق غيرهم فالله لا يغفره إلا بعد رضا من ارتُكبت الجريمة بحقه لأنه يتعلق بحق الغير الذي لا يغفر إلا بموافقته ، وما كان بحقهم فإن تابوا وأصلحوا فإن الله واسع المغفرة قابل التوب من عباده ، ودعاء النبي هذا هو تذكرة وعبرة للناس.
ولعل الحكمة في تخصيص النبي اليوم الأول من أيام شهر رمضان المبارك بكل هذه القيم والمبادئ والمفاهيم الروحية والتربوية لعل ذلك يرجع إلى كونه أول يوم من شهر مبارك ، خصه الله بنزول القرآن ونزول الكتب السماوية ، وبالصوم ، وجعل فيه ليلة هي عند الله خير من ألف شهر وهي : ليلة القدر ، فهو أول يوم من هذا الشهر يُقبل الإنسان على ربه بهذه الطاعة ، وبهذه العبادة تقربا واحتسابا لما عند الله تعالى.
السابق
التالى
مقالات ذات صلة

0 التعليقات: