وليد، ما يزال يغمض عينيه حتى وقت متأخر من هذا النهار، رغم مناداة صديقته الشمس له...
غضبت الشمس، عندما لم يستجب وليد لها.. وأضمرت في نفسها أمراً..
في صباح اليوم التالي، غفت الشمس خلف غيمة، بعد أن توسدت سحابة بيضاء..
صحا وليد من نومه، وترقب أن تشرق الشمس لتأذن عن مقدم يوم جديد، أخذ يتململ ويتقلب في فراشه، تساءل، هل تأخرت الشمس هذا الصباح؟
لم يكن من عادة الشمس أن تتأخر عن موعدها.. إنها تأتي كل يوم لترسل أشعتها منذ أول الفجر، صحيح أنه كان ينزعج من قدومها باكراً.. فتطرق بأشعتها الذهبية زجاج نافذته.. وتدخل متسللة إلى عينيه، ثم تقول: هيه، وليد انهض! هذا صباح جديد..
كان يرجوها أن تذهب بعيدا عنه؛ فيشد لحافه بضجر.. ويختبئ تحته، ويحاول أن يطرد أي شعاع أتى ليوبخه لنومه الثقيل.
ولكن في هذا الصباح لا أثر لأشعتها..!
نهض متثاقلا ليتفقد الشمس التي تأخرت، ونظر إلى السماء.. لم تكن صافية، كانت قاتمة كئيبة، وفي الأفق غيوم كثيفة.. لم تظهر الشمس ولا زرقة السماء..!
أخرج وليد رأسه من النافذة ونادى:
أين أنت أيتها الشمس؟
لماذا تأخرت هذا الصباح؟
أفاقت الشمس من نعاسها في ذلك الصباح البارد لترسل شعاعاَ ضعيفاً..
((أيتها الفتى، ماذا تريد؟ ابتعد، دعني أنام!))
قال وليد: ولكن، لم يكن من عادتك التأخير قبل اليوم..
قالت الشمس: ولكني قررت هذا الصباح أن أنام وأتأخر مثلك ؛ فكلما أتيتك وجدتك نائماً وبقيت وحدي..
لكنني أريدك الآن..!
أجابت الشمس بتثاؤب: لكنني أريد أن اجرب الكسل قليلاً..
تعجب وليد؛ إذ اعتاد أن يرى الشمس في كامل نشاطها كل يوم، وأن يوصد في وجهها نافذته حين توبخه وتسخر منه بشعاع ساطع.
نظر وليد إلى غرفته المظلمة.. كانت كئيبة هذا الصباح.. فكر أن يشعل مصباحاً...
إنه يرغب الآن في الخروج، ولا أثر للضوء.. ربما ينير شمعة عند خروجه من البيت! إنه يحتاج للذهاب إلى الحقل؛ ليرعى البذور الصغيرة التي خبأها في الأرض مؤخراً..
لا شك أن أصدقاءه في الحقل ينتظرونه، وينتظرون الشمس التي تأخرت هذا الصباح.
كانت الشمس الوفية في هذا الوقت تراقبه بصمت.. ضحكت الشمس.. فهي تعرف أنه لن يكفيه شمعه..
تنحنحت وتململت، وأطلت من خلف السحابة السوداء التي انهمرت بقطرات المطر... وعادت لتشق أشعتها طريقها إلى الأرض وبساطها، بعد أن استيقظت من جديد.
فرح وليد وهو يتأبط ضوء الشمس ويسير مسروراً نحو الحقول.. كان ينتظرهما العشب الأخضر، والزرع، والخراف، والفراشات..
تبسمت الزهرة.. فهي ستصبغ بتلاتها باللون الأحمر من الضوء.. ووقفت السنابل الصغيرة الجائعة في شوق لضوء الشمس الدافئ.
تنفس اليخضور الصعداء: مرحباً وليد، كنت انتظر ضوء الشمس لأجل الغذاء الذي يتغذى به النبات.
((النباتات صديقة الأرض... تخزن الجليكوز، وترسل الأكسجين للخارج ليتنفسه الإنسان))... هكذا قال وليد وهو يشكر النباتات صديقته وصديقة الفلاح.
فرحت السنابل ومدت أوراقاً طويلة خضراء وسيقاناً..
صار وليد يستيقظ باكراً بنشاط؛ فهو على موعد مع الشمس ليترافقا معا إلى الحقول.
وفي صباح جميل، وجد وليد حبات القمح يكسوها اللون الذهبي الأصفر الذي انعكس عليها من لون الأشعة المرسلة من الشمس في السماء.
قال وليد بفرح: جاء الربيع..
صارت الحقول أجمل منذ أن تعاهد الأصدقاء الثلاثة: الشمس والفتى والسنابل أن يتعاونوا معاً..
نظر وليد إلى الشمس والسنابل وقال: أحبكم يا أصدقائي. وعاش الأصدقاء الثلاثة بسعادة منذ ذلك الوقت، وصار الحقل جنة خضراء.
0 التعليقات: